أفة التكبر
--------------------------------------------------------------------------------
افة التكبر
من الممكن القول إن جوهر وروح الدين هو تجاوز الإنسان لنفسه وأهوائه وأغراضه، وإن زعم شخص أن هذا هو معنى التدين فلن يكون كلامه عبثاً. والمقصود من تخلص الإنسان من نفسه هو أن لا يجعل لها أي شأن مطلقاً أمام إرادة الله وعظمته وأمره ونهيه. وهذا الشخص الذي يصل إلى هذه المنزلة هو المتدين الحقيقي.
إن صلاة المرء وصدقته وحجّه وسائر عباداته لا قيمة لها إن كان يرى لنفسه شأناً ومقاماً أمام الله. فأعمال المتكبرين غير مقبولة ولا فائدة منها. والذين يرون لأنفسهم مقاماً أعلى من الآخرين ويحسبون لأنفسهم وأنانيتهم حساباً دون اعتبار لشؤون غيرهم من الناس، هؤلاء ستكون عبادتهم ضئيلة الأثر، وإن كانوا في الظاهر من أهل الزهد والطاعة والتقوى، ذلك لأن المتقي حقاً لا يمكن أن يتصف بمثل هذه الصفات. المتكبر، ولو قرأ القرآن وذكر الأذكار وجاهد فإن كل هذه الحسنات لن تؤثر تأثيرها الكامل فيه.
لقد تنوّع الحكام والسلاطين والأمراء على مر التاريخ، ولم يكونوا جميعهم منكرين للدين. البعض منهم كان يعبد الله ويصلي. لم يكن الجميع كمحمد رضا شاه وأبيه تاركين للصلاة. ولقد قرأت في أخبار فتح علي شاه (أحد ملوك القاجارية) أنه كان يستمع لدعاء كميل كل ليلة جمعة هو وعائلته ومجموعة من الناس. لكن ما كان أثر ذلك الدعاء؟! والصلاة التي كان يصليها ناصر الدين شاه الذي ينقل عنه أنه قال ذات يوم: "نظرنا من شمس العمارة فوجدنا الناس فرحين، ونظرنا فوجدنا أن الصلاة قد تأخرت، فصلينا".
فهل تتصورون أن تلك الصلاة كانت مفيدة؟
إن هكذا دعاء وصلاة لا فائدة منها. أعمال كهذه لن تقرّب الإنسان من الله، والتاريخ يبرهن لنا ذلك. فلو كانوا قريبين من الله لما ظلموا الخلق كل هذا الظلم، ولما فسقوا وفجروا وأجحفوا الناس حقوقهم